17/11/2021 - 14:55

مقابلة | ما هي حساسية الخريف؟

رأى المختص في أمراض الرئتين وجهاز التنفس العلوي، د. محمد يونس، أن "الأجيال السابقة كانت أقل عرضة للحساسية من الأجيال الجديدة التي تحرص على التعقيم والنظافة المفرطة وعدم السماح لأطفالهم بالتعرض للمؤثرات

مقابلة | ما هي حساسية الخريف؟

توضيحية (pixabay)

رأى المختص في أمراض الرئتين وجهاز التنفس العلوي، د. محمد يونس، أن "الأجيال السابقة كانت أقل عرضة للحساسية من الأجيال الجديدة التي تحرص على التعقيم والنظافة المفرطة وعدم السماح لأطفالهم بالتعرض للمؤثرات الخارجية، وبذلك لا يطورون مناعة بيئية كما كان الأطفال في السابق، وهذا ما يسبب ارتفاعا في نسب الإصابة بالحساسية ويلاحظ اليوم أن نحو 25% من المواطنين يعانون من أنواع الحساسية الموسمية".

وبهذا الصدد، أجرى "عرب 48" حوارا مع د. يونس من عرعرة في منطقة المثلث، وهو طبيب مختص بأمراض الرئتين وجهاز التنفس العلوي في مستشفى "هعيمك" في العفولة وصناديق المرضى، حول كل ما يتعلق بحساسية الخريف.

"عرب 48": هل هناك ما تسمى بحساسية الخريف، أسوة بحساسية الربيع أم أنها الحساسية الناجمة عن تغيرات الطقس؟

د. يونس: نعم في الواقع هنالك أنواع من الحساسية الناجمة عن تقلبات الطقس وهبوب الرياح، وهبوط درجات الحرارة التي تؤدي بالتالي إلى انتشار الفيروسات وتكاثرها في هذه الفترة، وحساسية الخريف هي حساسية شائعة والمسبب لها هو تطاير غبار اللقاح مع الرياح في بعض النباتات، وينتشر هذا الغبار في الجو ويدخل هذا الغبار إلى البيوت ويسبب نوبات من السعال والرشح وضيق التنفس.

"عرب 48": ما هي أبرز مميزات حساسية الخريف؟

د. يونس: في الخريف تحصل عدة أمور، وفي مقدمتها انخفاض درجات الحرارة، رغم أنه في هذا العام بالذات لم يلاحظ هذا الهبوط في درجة الحرارة وكانت مرتفعة وما زالت بشكل استثنائي، لذلك فإننا نلاحظ حالات أقل من الرشح والزكام التي تسببها الفيروسات مقارنة بالسنوات السابقة، ولكن بالمقابل فإننا نلاحظ حالات كثيرة من الحساسية التي تسبب العطس والرشح واحمرار العينين وضيق التنفس في بعض الأحيان خصوصا لدى المرضى الذين يعانون من الأزمة أو الربو.

د. محمد يونس

"عرب 48": نلاحظ بأن حساسية الخريف تؤثر أيضا على الجلد وتسبب الجفاف وتشققات في الجلد وخصوصا الشفتين، ربما بسبب الرياح؟

د. يونس: لا شك هنالك نوع من الجفاف، وفي بعض الأحيان تظهر الحساسية في الخريف على شكل طفح جلدي، وهو ما نسميه أزمة أو ربو الجلد وهو طفح وجفاف يظهر على الجلد ويرافقه حكة. وتغيرات الطقس لا تسبب الحساسية فحسب، وإنما هبوط درجات الحرارة قد تساهم في تغير الضغط الجوي، ووزن الجزيئيات المنتشرة في الجو المغبر، قد تؤثر على توازن الهواء في الغشاء المبطّن للجيوب الأنفية، لذلك نلاحظ الكثير من حالات الالتهابات في الجيوب الأنفية ناتجة عن عدم التوازن وتغيير الـ"باروميتر" وتوازن الهواء الذي يحصل في هذه الفترة.

"عرب 48": هل هناك سبل للوقاية لتفادي هذه الحساسية؟

د. يونس: لحسن حظنا وجود قانون الكمامة في هذه الفترة للوقاية من فيروس كورونا، من شأنها أن تعطي وقاية ضد الغبار الذي نستنشقه، طبعا ليس كل جزيئيات الغبار، وإنما الكبيرة منها وخصوصا في الجو المكفهر والمغبر الذي يأتينا من سيناء ومن صحراء السعودية، فالكمامة كفيلة في توفير الحماية والوقاية من هذا الغبار ومن العديد من الفيروسات الأخرى المنتشرة في الجو. ولذلك فقد لاحظنا في السنة الماضية أقل معدل إصابة بالفيروسات الموسمية التي تنتشر في الخريف والتي تختلف عن الفيروسات الشتوية، ومن مميزات الفيروسات الخريفية أنها تسبب التهابات في الأجزاء العلوية من القصبة الهوائية، في الأنف والحلق وتسبب الزكام والرشح، وجدير بنا أن نميز بين الحساسية وبين الالتهابات التي تسببها الفيروسات لأن العلاج يختلف بين الحالتين.

"عرب 48": هل يتوجب علينا الإبقاء على إحدى نوافذ البيت مفتوحة للتهوئة في ساعات المساء والليل؟

د. يونس: لا، على العكس يجب إغلاق البيوت والغرف خصوصا في ساعات الليل ومنع وصول غبار اللقاح إلى البيوت. فالتهوئة في ساعات المساء والليل لا تفيد وقد تضر، لأن غبار اللقاح ينتشر في الرطوبة ومع حبات الندى لذلك فإن التهوئة في ساعات الليل أمر غير مرغوب به، ويمكن الاستعاضة عنه وتهوئة البيت في ساعات النهار، كما يجب الحرص على عدم إدخال السجاد والأغطية التي تعرضت للغبار في ساعات النهار إلى داخل البيت مساء، لأنها ستنقل لنا غبار اللقاح إلى داخل المنزل، وقد تنقل العث الذي يسبب الحساسية الجلدية أيضا.

"عرب 48": الاختلاف بدرجات الحرارة بين داخل المكان المغلق والخارج، هل هي سبب في انتشار الحساسية؟

د. يونس: لا ننسى أننا ما زلنا في فصل الخريف والفرق في درجات الحرارة بين الداخل والخارج ليست شاسعة، أما في الشتاء فإن الفارق في درجات الحرارة بين الداخل والخارج تكون كبيرة، وعندها يجب اتخاذ وسائل كشرب الماء قبل الخروج من مكان دافئ، والإكثار من شرب السوائل الساخنة والحمضيات التي تحتوي على فتامين "سي" وهي مفيدة ضد الفيروسات التي تسبب الزكام لكنها لا تمنع الحساسية.. فالحساسية يمكن الوقاية منها بواسطة وضع الكمامة، وإغلاق المنازل بحيث لا يصل غبار اللقاح اليها، وينصح في الحالات التي يكون فيها الجو مغبرا بشكل كبير عدم الخروج من المنازل وعدم ممارسة الرياضة وخصوصا للأشخاص الذين يعانون أمراض في جهاز التنفس.

"عرب 48": هل هنالك أهمية للحصول على التطعيمات في هذه الفترة؟

د. يونس: في الواقع التطعيمات التي تعطى اليوم هي تطعيمات ضد الإنفلونزا الموسمية والتي تظهر في الشتاء وليس في الخريف، ويحصل عليها كل من يرغب في تطوير أجسام مضادة ضد فيروسات الإنفلونزا الموسمية. وأنا أنصح الجميع بالحصول على التطعيم ضد الإنفلونزا لأن بعض أنواع الإنفلونزا تكون فتاكة وأعراضها شبيهة بأعراض فيروس كورونا وقد تكون خطيرة.

"عرب 48": كيف يتم تحديد أنواع الفيروسات التي تسبب الإنفلونزا الموسمية؟

د. يونس: عادة نأخذ التطعيم ضد الفيروسات الأربعة الأكثر شيوعا في العالم في هذه الفترة، واليوم هناك شتاء في الصين ويمكن تحديد الفيروس الشائع هناك في هذه الفترة وإعطاء التطعيم المضاد لها، وكذلك سائر الفيروسات الثلاثة أو الأربعة المنتشرة في أفريقيا والعالم في الموسم الحالي. وفيروسات الشتاء عديدة ومع الوقت طوّرت طفرات مختلفة كما يحدث اليوم في فيروس كورونا، ونحن نعطي التطعيم للأخطر والأكثر شيوعا بين هذه الفيروسات.

"عرب 48": هل النظافة الشخصية عامل مهم في منع حساسية الخريف؟

د. يونس: لا شك أن النظافة الشخصية مهمة لدى التعرض لإنسان موبوء أو ملامسته، لكن قد تفاجأ بهذه الإجابة، فنحن نشهد ارتفاعا في حالات الإصابة بأنواع من الحساسية، تصل الى 25% من الجمهور في فترات الخريف والربيع، والسبب في هذا الارتفاع قد يعود إلى النظافة الزائدة، لأن النظافة والتعقيم المبالغ فيه يؤدي إلى عدم تعرض الجسم لمواد من المفترض أن يقاومها الجسم بشكل تلقائي (بمناعته البيئية) وأن يُنتج الجسم مضادات لهذه المواد، فنجد أن الجيل الحالي لديه مناعة أقل من الجيل السابق الذي كان يسير حافيا ويتعرض لكل أنواع المؤثرات الخارجية.

النظافة سلاح ذو حدين فعلى المدى القصير النظافة مطلوبة في حال المجيء بعلاقة مع شخص موبوء أو مصاب بفيروس، لكن على المدى البعيد فإنه لا ينبغي على الأهل أن يكثروا من تتبع حركات أطفالهم من أجل تنظيفهم وتعقيمهم، ويجب ترك الطفل يطور مناعة بيئية ضد أنواع الحساسيات المختلفة، لذلك نلاحظ أن الحساسية لدى الجيل الحالي أعلى منها لدى الأجيال السابقة. والبحوث تؤكد بأن الأولاد الأقل نظافة هم عرضة أقل لأنواع الحساسية منهم لدى الأولاد من العائلات التي تحافظ على التنظيف والتعقيم باستمرار.

التعليقات